معني الإيمان في الإسلام وأركانه

29 يناير 2024
معني الإيمان في الإسلام وأركانه

معني الإيمان في الإسلام وأركانه، جاء الدين الإسلامي الذي يعد خاتم الديانات السماوية بالهداية لكافة الناس حيث دعاهم للالتزام بأحكام وتعاليمه، وحب الله ورسوله واتباع سنته وعدم عصيانه، وبقدر ما يكون العبد مطيعًا لله ورسوله ويبتعد عما نهيا عنه بقدر ما يكون خضوعه لله سبحانه وتعالى، وطاعة العبد لله تأتي على درجات وهي: “الإسلام، والإيمان، والإحسان”.

معني الإيمان في الإسلام

والفرق بين هذه المصطلحات جاء في حديث النبوي الشريف الذي يرويه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، حيث يقول: “بينَما نحنُ ذاتَ يومٍ عندَ نبيِّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، إذ طلعَ علَينا رجلٌ شَديدُ بياضِ الثِّيابِ، شديدُ سوادِ الشَّعرِ، لا يُرى عليْهِ أثرُ السّفر، ولا يعرِفُهُ منّا أحَدٌ، حتَّى جلسَ إلى النّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فأسندَ رُكْبتَيهِ إلى رُكْبتيهِ، ووضعَ كفَّيهِ على فَخِذَيهِ، وقالَ: يا مُحمَّدُ، أخبِرْني عنِ الإسلامِ. فقالَ رسول الله صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: الإسلامُ أنْ تشهدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ، وتقيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتيَ الزَّكاةَ، وتَصومَ رمضانَ، وتحجَّ البيتَ إنِ استطعتَ إليهِ سبيلًا. قالَ: صدقتَ. قالَ: فعجِبنا لَهُ، يسألُهُ ويصدِّقُهُ. قالَ: أخبرني عنِ الإيمانِ. قالَ: الإيمانُ أن تُؤْمِنَ باللَّهِ، وملائِكَتِهِ، وَكُتبِهِ، ورسلِهِ، واليومِ الآخرِ، والقدرِ كلِّهِ؛ خيرِهِ وشرِّه. قالَ: صدَقتَ. قالَ: فأخبِرني عنِ الإحسانِ. قال: أن تعبدَ اللَّهَ كأنَّكَ تَراهُ، فإن لم تَكُن تَراهُ، فإنَّهُ يراكَ”.

معني الإيمان لغة

  • الإيمان في اللغة يعرف بأنه مصدر آمن يؤمن إيمانًا، وهو ضد الخوف ومشتق من الأمن أي يعني الطمأنينة والقرار، ومعنى الإيمان في اللغة يرتبط بالإيمان بالمعنى الاصطلاحي.
  • ويعرف الإيمان في اللغة بعدة تعريفات منها التصديق والطمأنينة، والإقرار، واستخدم العرب لفظ الإيمان في استخدامين هما..
  • – الإيمان بمعنى التأمين: أي إعطاء الأمان، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى في سورة قريش الآية 4: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْف)، فالإيمان هنا ضدّ الخوف.
  • كما جاء في الحديث الشّريف: (النّجومُ أمَنَةٌ للسماءِ، فإذا ذهبتِ النّجومُ أتى السّماءَ ما توعَد، وأنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهَبتْ أتَى أصحَابي ما يوعَدون، وأصحابي أمَنَةٌ لأمّتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمّتي ما يُوعدون)، والمقصود بقوله أمَنَة؛ أي حافظة لها.
  • وكذلك في قوله عزّ وجل في سورة البقرة الآية 125: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً)، وقال أبو إسحاق: أراد ذا أمن، فهو آمِنٌ، وأَمْنٌ.
  • – الإيمان بمعنى التّصديق: ومنه قول الله سبحانه وتعالى في سورة يوسف الآية 17: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ)، أي: لست بمُصدِّقٍ لنا على فَرَض كنا صادقين.

 

معني الإيمان اصطلاحاً 

يوجد عدة تعريفات في تعريف الإيمان اصطلاحًا منها الإيمان هو: “قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالقلب، وعملٌ بالجوارح يزيد وينقص”، ومنها عند الحنفية الإيمان هو: “قولٌ باللّسان، واعتقاد بالجَنان”.

أركان الإيمان 

ذكر الله عز وجل أركان الإيمان في كتابه الكريم، حيث يقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة الآية 285: “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ”.

ويقول الله أيضًا في الآية 177 من سورة البقرة: “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ”.

ونجد أن الله سبحانه وتعالى جعل أركان الإيمان مُقتصرة على الإيمان والتّصديق الجازم بهذه الأمور، بالإضافة لما جاء في السنة النبوية بشكل مستقل، لذلك يسمى من آمن بهذه الأركان مُؤمناً، ومن كفر بها يسمى كافرًا.

يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء الآية 135: (وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا).

وقال الرسول -عليه أفضل الصّلاة والسّلام- في الحديث النبويّ حين جاء جبريل عليه السّلام وسأله عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، وفيه (… قالَ: أخبرني عنِ الإيمانِ. قالَ: الإيمانُ أن تُؤْمِنَ باللَّهِ، وملائِكَتِهِ، وَكُتبِهِ، ورسلِهِ، واليومِ الآخرِ، والقدرِ كلِّهِ؛ خيرِهِ وشرِّه. قالَ: صدَقتَ).

وسوف نعرض بيان هذه الأركان مُفصّلاً كما وردت في الآيات والحديث السّابقة كما يأتي:

1- الإيمان بالله

ويقصد بالإيمان بالله الإيمان بوجود الله وربوبته وألوهيته وصفاته وأسمائه جميعها، وأنه سبحانه وتعالى وحده المتصف بكل صفات الكمال، وأنه وحده المنزه عن كل نقص، فيجب توحيده.

والمقصود بتوحيد الربوبيَّة: الإقرار بأنَّ الله سبحانه واحدٌ في أفعاله لا شريك له فيها؛ فهو الخالق وليس أحد سواه، وهو الرازق وليس غيره مانع، وهو المُحيي وليس سواه أحد مُميت، وأنّ بيده وحدَه سبحانه تدبيرَ الأمور والتصرّف في الكون إلى غير ذلك مِمَّا يتعلَّق بربوبيَّته سبحانه.

أما توحيد الألوهيَّة فيعني: توحيد الله سبحانه جلّ وعلا بأفعال العباد، مثل الدّعاء، والخوف، والرَّجاء، والتوكُّل، والاستغاثة، والاستعانة، والذَّبح، وغيرها من أنواع العبادة التي يجب إفراده سبحانه بها، فلا يُصرَف منها شيءٌ لغيره ولو كان ملَكاً أو نبيّاً.

وأمَّا توحيد الأسماء والصّفات فالمقصود به: إثبات كلِّ ما أثبته الله سبحانه لنفسه، أو أثبته له رسوله عليه الصّلاة والسّلام من الأسماء والصّفات على وجهٍ يليق بجلاله سبحانه، وتنزيهه عن كلِّ ما لا يليق به.

حيث قال الله عزَّ وجلَّ: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).

2- الإيمان بالملائكة

المقصود الإيمان بالملائكة الإيمانَ بأنّهم خلقٌ من خلق الله سبحانه، ليسوا آلهةً، وقد وصفهم الله بأنّهم عباد مُكرَمون، منهم موكَّلون بحمل عرش الرّحمن، ومنهم من أُوكِل بالجنّة والنّار، ومن أُوكل بكتابة أعمال العباد وإحصائها، ومن الإيمان بهم الإيمان بما ورد من أسمائهم عن الله ورسوله عليه الصّلاة والسّلام، مثل جبريل، وميكائيل، ومالك خازن النَّار، وإسرافيل الموكَل بالنّفخ في الصُّور، وغيرهم ممّا جاء فيه نصٌّ صحيح، وأنّ الموت عليهم جائزٌ إنّما أخّرهم الله لأجلٍ هو به عليم.

3- الإيمان بالكتب السماويّة

والمقصود بالكتب السّماويّة: الإيمان الجازم بوجودها جميعها على أصلها الذي نزلت فيه، ولا يكفي التّصديق الجازم بالقرآن الكريم بالذّات؛ بل لا بدّ أيضاً من الأخذ به، والعمل بما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وذلك لقوله عزّ وجلّ: (المۤصۤ*كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ*اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ).

4- الإيمان بالرُّسُل والأنبياء

ويُقصَد بالإيمان بالرُّسُل والأنبياء التّصديقَ الجازمَ بأنّ الله سبحانه عزّ وجلّ قد بعث في كلّ أمةٍ رسولاً؛ ليدعوهم ويهديهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ويأمرهم بالكفر بما يعبدون من دون الله من أصنام وأوثان، وأنّ الرُّسل والأنبياء جميعهم صادقون أتقياء أُمناء، قد أيّدهم الله بالبراهين الظّاهرة والآيات المعجزة، وأنّهم عليهم السّلام أدّوا وبَلَّغوا ما أُرسِلوا به من الله عزَّ وجلّ، وأنّهم لم يكتموا منه حرفاً واحداً، ولم يغيّروا فيه شيء، ولم يزيدوا فيه شيئاً من عند أنفسهم، وأنّهم جميعهم كانوا على الحقّ والهُدى، وأنّ الله سبحانه قد اتّخذ نبيه إبراهيم خليلاً، ونبيه ورسوله محمّداً عليه الصّلاة والسّلام خليلاً، وأنّه جلّ وعلا كلّم موسى تكليماً، ورفع نبيّه إدريس مكاناً رفيعاً كما جاء في القرآن الكريم، وأنّ رسوله عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته التي ألقاها إلى مريم، وأنّ الله سبحانه فضّل بعض الأنبياء على بعضٍ، ورفع بعضهم على بعضٍ درجاتٍ.

5- الإيمان باليوم الآخر

والمقصود بالإيمان باليوم الآخر هو الإيمان بكلّ ما أخبر عنه النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، وثبتت صحّته ممّا يكون من حياة بعد الموت؛ من عذاب القبر، إلى البعث والنشور، ثمّ الجنّة والنّار.

6- الإيمان بالقدر: المقصود بالقدر هو ما قدَّرَه الله سبحانه وقضاه على عباده جميعاً في علم الغيب عنده، ممّا لا يملك عباده ولا يستطيعون صرفَه أو دفعَه عنهم أو عمّن يحبّون، فيتوجب الإيمان بأنّ كلّ ما قضاه الله سبحانه وقدّره كان بحُكمِه، وكلّ ما أصاب العبدَ فإنّما هو بتقديرٍ من الله سبحانه.