قصة أصحاب الأخدود

29 يناير 2024
قصة أصحاب الأخدود

تروي قصة أصحاب الأخدود حكاية ملك ظالم حفر الأخاديد وألقى بها شعبه وأشعل بهم النيران، لأنهم آمنوا بالله وحدة ورفضوا العودة إلى الكفر والضلال، ويعتقد أن تلك القصة حدثت في منطقة شبه الجزيرة العربية وتحديدا في نجران اليمن، وقد وردت القصة في القرآن الكريم بشكل مجمل في سورة “البروج”.

قصة أصحاب الأخدود

يحكى أنه في زمن قديم كان هناك ملك ظالم يدعي الألوهية ويعبده شعبه، وكان الملك يستعين بساحر في السيطرة على الناس وتوطيد حكمه، وفي يوم من الأيام قال الساحر للملك أنه كبر في السن ويحتاج إلى غلام ذكي وفطن لكي يعلمه السحر وينقل له كل علمه ليخلفه بعد موته.

بحث الملك عن الغلام المناسب للمهمة المطلوبة وأرسله للساحر ليبدأ في تعليمه أمور السحر، وكان الغلام يمر في طريقه إلى منزل الساحر على منزل راهب مؤمن، دعاه إلى الإيمان الله وحده لا شريك له فاستجاب الغلام لدعوة الراهب، وعندما علم الساحر بأمر الراهب ضرب الغلام ونهاه عن الذهاب إلى الراهب مرة أخرى.

اشتكى الغلام للراهب فقال له إذا سألك الساحر قل إنك تأخرت عند أهلك، وإذا سألك أهلك قل إنك كنت عند الساحر، واستمر الحال على ما هو عليه لفترة طويلة حتى ظهرت دابة كبيرة في المدينة وسببت الرعب لسكانها، فوجد الغلام الفرصة أمامه سانحة ليتأكد من وجود الله ويزداد يقينه بدعوة الراهب.

مسك الغلام حجرا وقال “اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس” ثم رمى الحجر على الدابة فماتت على الفور، وهنا علم الراهب أن هذا الغلام سيكون له شأن عظيم في المستقبل، وسيتعرض لابتلاء شديد وطلب منه ألا يدل عليه إذا تعرض للعذاب.

معجزات الغلام

انتشرت قصة الغلام بين الناس فهو كان قادر عليه شفاء المرضى وإبراء الأكمة والأبرص، وكان يدعو الناس إلى عبادة الله وحده حتى سمع به جليس الملك وكان رجلا أعمى وجاء إلى الغلام وطلب منه أن يرجع له بصره وسوف يعطيه كل ما يريد، فرد عليه الغلام أنه غير قادر على شفائه وإنما الله قادر على ذلك وطلب منه أن يؤمن بالله حتى يستعيد بصره، فاستجاب الرجل لدعوته وبالفعل عاد له البصر.

عندما رأى الملك جليسه وقد أبصر سأله من أعاد له بصره فقال له الرجل “ربي”، فسأله الملك باستنكار “ولك رب غيري”، فرد الرجل “ربي وربك الله”، فأمر الملك أعوانه بتعذيب الرجل حتى دل على الغلام لأنه شعر بأن هذه الدعوة ستكون خطرا على حكمه، وعندما جاء الغلام سأله الملك عن قدرته على شفاء المرضى فأجابه أن الله هو من يشفي المرضى وليس هو.

عذاب الملك للمؤمنين

عذب الملك الغلام حتى دل على الراهب واستمر الملك في تعذيبهم جميعا لكي يرجعوا عن دينهم فرفضوا فأمر الملك بأن يأتي بالمنشار ووضعه في مفرق رأس الراهب وسأله للمرة الأخيرة أن يرجع عن دينه فرفض الراهب فشقه الملك نصفين، ثم فعل نفس الشيء مع جليس الملك الذي أبى العودة إلى الكفر أيضا.

أما الغلام فأرسله الملك إلى جبل وقال لأعوانه إذا تراجع عن دينه أن يتركوه وإذا لم يتراجع فيلقوه من أعلى الجبل، فدعا الغلام ربه بأن ينجيه فاهتز الجبل وسقطوا جميعا وعاد الغلام للملك وقال له ربي نجاني، فأرسله الملك إلى البحر وقال لرجاله إذا لم يعود عن دينه فيلقوه في وسط البحر، فدعا الغلام ربه لينجيه وبالفعل اهتزت السفينة وسقطوا جميعا وعاد الغلام إلى الملك وقال له ربي نجاني.

يئس الملك من قتل الغلام لكنه كان مصمم على قتله فقال له الغلام أنه لن يقدر على قتله إلا بطريقة واحدة وهي أن يجمع كل الشعب في مكان واحد ويربط الغلام في جذع نخلة ويأخذ سهم من كنانة الغلام ويرميه به وهو يقول “بسم الله رب الغلام”، ونفذ الملك ما قاله الغلام بالضبط وبالفعل مات الغلام لكن ما حدث كان مفاجأة للملك.

هتف الناس في صوت واحد قائلين “آمنا برب الغلام” بعد أن ظن الملك أنه تخلص منه للأبد وجد أن جميع الناس آمنت بدعوته، أمر الملك الناس بالتراجع عن عبادة الله فرفضوا جميعا، فتوعدهم الملك بالعذاب حيث أمر بحفر الأخاديد وأشعل بها النيران ورمي فيها المؤمنين، وكان من بين المؤمنين أم مع طفلها الرضيع وترددت الأم عن إلقاء نفسها في النار حتى نطق الطفل وقال لها “يا أُمَّهِ اصبري فإنك على الحق”، ومن هنا جاء اسم قصة أصحاب الأخدود.