مختارات من شعر الغزل في العصر الجاهلي

25 يناير 2019
مختارات من شعر الغزل في العصر الجاهلي

العصر الجاهلي كان واحدًا من عصور التاريخ العربي التي شغلت مكانة كبيرة في التراث الأدبي والشعري العربي على مر ومحتلف عصوره، فقد أفرز لنا العصر الجاهلي عدد من أبرز وأشهر شعراء العرب على مر التاريخ، الذين تركوا لهم بصمة كبيرة في التراث الشعري العربي، وكان إنتاجهم الشعري والفني مرجع لكافة الشعراء والأدباء الذين جاءوا بعدهم في عصر صدر الإسلام ومن ثم العصر الأموي، وبعد ذلك العصر العباسي، وحتى الوصول للعصر الحديث في الشعر والأدب العربي. وقد كان الغزل واحد من أهم الأغراض الشعرية التي انتشرت بين شعراء العصر الجاهلي، حيث نُظمت العديد من القصائد الشعرية حول هذا الغرض الشعري آنذاك، وخلال هذا التقرير سوف نستعرض مختارات من شعر الغزل في العصر الجاهلي.

شعر العصر الجاهلي

الشعر الجاهلي يعد واحدًا من أبرز عصور الشعر العربي، فهو تلك القصائد والأبيات الشعرية التي رُويت وسُردت في العصر الجاهلي قبل ظهور الإسلام على يد نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويعد كذلك الشعر الجاهلي هو أسبق عصور الشعر العربي، فقد متمركزًا في شبه الجزيرة العربية وعلى أطرافها. وتعددت أنواع الشعر الجاهلي وكذلك أغراضه ما بين الغزل بشقيه العفيف والصريح، والمدح، والرثاء، والهجاء، والفخر، والحكمة، وكذلك البكاء على الأطلال، ولعل البكاء على الأطلال كان أبرز ما تميز به شعراء العصر الجاهلي، حيث كانوا يقفون على الجبال ويبكون أطلالهم.

شعر الغزل في العصر الجاهلي

كان شعر الغزل في العصر الجاهلي واحد من أهم الأغراض الشعرية التي تربعت على عرش القصيدة الشعرية في العصر الجاهلي بين شعراء هذا العصر، حتى وإن كانت القصيدة الشعرية لا تدور في الأساس حول الغزل. وانتشر شعر الغزل في العصر الجاهلي بنوعيه الغزل الصريح الذي يقوم على وصف مفاتن المرأة الجسدية وجمالها الصارخ، وكذلك الغزل العفيف الذي يترفع عن حب الجسم بل يرتقي إلى حب الروح، وخلال الفقرة القادمة سوف نستعرض نماذج لشعر الغزل في العصر الجاهلي:

امرؤ القيس

ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي ** وَهل يَعِمنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي

وَهَل يَعِمَنْ إلا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ ** قليل الهموم ما يَبيتُ بأوجالِ

وَهَل يَعِمَنْ مَن كان أحدثُ عَهدِه ** ثَلاثِينَ شهراً في ثَلاثَة ِ أحوَالِ

دِيارٌ لسَلمَى عَافِيَاتٌ بذِي خَالِ ** ألَحّ عَلَيها كُلُّ أسْحَمَ هَطّالِ

وتحسبُ سلمى لا تزالُ ترى طَلا ** من الوَحشِ أوْ بَيضاً بمَيثاءِ مِحْلالِ

وتحسِبُ سلمى لا نزالُ كعهدنا ** بوَادي الخُزَامى أوْ على رَسّ أوْعالِ

لَيَاليَ سَلَمى إذْ تُرِيكَ مُنْصَّباً ** وجيداً كجيد الرئم ليس بمعطال

عنترة بن شداد

بَرْدُ نَسيم الحجاز في السَّحَرِ ** إذا أتاني بريحهِ العطِرِ

ألذُ عندي مما حوتهُ يدي ** من اللآلي والمال والبدَر

ومِلْكُ كِسْرَى لا أَشتَهيه إذا ** ما غابَ وجهُ الحبيبِ عن النّظر

سقى الخيامَ التي نُصبنَ على ** شربَّة ِ الأُنسِ وابلُ المطر

منازلٌ تطلعُ البدورُ بها ** مبرقعاتٍ بظلمة ِ الشَّعرِ

بيضٌ وسمرٌ تحمي مضاربها ** أساد غابٍ بالبيضِ والسُّمر

صادتْ فُؤادي مِنهُنَّ جارية ٌ** مكْحولة ُ المقْلتين بالحور

طرفة بن العبد

أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْراً مَنازِلُهْ ** كجفْنِ اليمانِ زخرفَ الوشيَ ماثلُهْ

بتثليثَ أو نجرانَ أو حيثُ تلتقي ** منَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُه

دِيارٌ لِسلْمى إذ تصِيدُكَ بالمُنى ** وإذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ تواصُلُه

وإذ هيَ مثلُ الرّئمِ، صِيدَ غزالُها ** لها نظرٌ ساجٍ إليكَ تواغِلُه

غَنِينا، وما نخشى التّفرّقَ حِقبَة ً، ** كِلانا غَريرٌ، ناعِمُ العيش باجِلُه

لياليَ أقتادُ الصِّبا ويقودُني ** يجولُ بنا ريعانُهُ ويُحاولُه

سما لكَ من سلْمى خيالٌ ودونَها ** سَوَادُ كَثِيبٍ، عَرْضُهُ فأمايِلُهْ

فذَو النيرِ فالأعلامُ من جانب الحمى ** وقُفٌّ كظَهْرِ التُّرْسِ تجري أساجله