جزاء قوم عاد

29 يناير 2024
جزاء قوم عاد

جاء في القرآن الكريم وصفا دقيقا لقصة و جزاء قوم عاد بالتفصيل في سورة هود لتكون عبرة وعظة لغيرهم من الشعوب، حيث أرسل إليهم نبي الله “هود” ليدعوهم إلى عبادة الله وترك عبادة الأصنام لكنهم رفضوا الإذعان له واستكبروا على الواحد القهار فوعدهم الله بأن ينزل عليهم عذابا أليماً وأرسل إليهم جند من عنده ألا وهي الرياح العاتية التي أبادتهم جميعاً.

من هم قوم عاد؟

كان قوم عاد يتميزون بالقوة الجسدية والطول حيث أنهم كانوا عمالقة فأخذوا يتباهون بقوتهم:

《وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً》 “فصلت الآية 15”

كما أنهم كانوا يسكنون الأحقاف وهي أراضي تتميز بكثرة الخير لوجود الزراعة القائمة على مياه الأمطار، وبنى قوم عاد عاصمة لهم وهي مدينة إرم والتي وصفها القرآن :

《إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ》 “سورة الفجر”.

اشتهر قوم عاد ببناء الصروح العظيمة والقصور الفارهة والعمدان الشاهقة الارتفاع وقد ساعدهم على ذلك بنيتهم الجسمانية القوية وقامتهم الطويلة، ويعتقد المؤرخون أن مدينة إرم موجودة في الصحراء في المنطقة ما بين اليمن وعمان، وجدير بالذكر أن قوم عاد كانوا من العرب الأوائل الذين استوطنوا منطقة شبه الجزيرة العربية وقد أطلق عليهم اسم “عاد” نسبة إلى جدهم الأكبر.

أرسل الله إلى قوم عاد رجلا منهم يدعوهم لترك عبادة الأصنام وعبادة الله وحده وهو سيدنا هود الذي قال لهم كما جاء في سورة هود:

《وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65)》

كان قوم عاد في ذلك الوقت يعبدون الأصنام متخذين منها ثلاثة آلهة يطلق عليهم: “صداء، صمودا، هباء”.

رفض قوم عاد الاستجابة إلى دعوة سيدنا هود بل وسخروا منه وزادوا في استكبارهم وغرورهم قالوا على هود أنه كاذب وسفيه كما جاء في الآية 66 من سورة الأعراف:

《قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَإذِبِينَ》

لكن سيدنا هود استمر في دعوته وأكد لهم أنه رسول جاء إليهم ليدعوهم إلى عبادة الله حتى قالوا له:

《مَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ》”سورة هود الآية 53″.

جزاء قوم عاد

أصاب سيدنا هود اليأس من قومه وتبرأ منهم ومن آلهتهم بعد أن أبلغهم بأن الله سيعذبهم عذابا شديدا وسيخلف قوما آخر بدلا منهم كما فعل مع قوم نوح من قبلهم، لكنهم رفضوا أيضا الاستجابة لدعوة هود واستمروا في استكبارهم، وفي تلك الأثناء حبس الله عنهم المطر ورغم ذلك البلاء الذي حل عليهم إلا إنهم استمروا في رفض دعوة هود الذي قال لهم أن المطر سينزل إذا استجابوا له وعبدوا الله وحده لا شريك له

《إنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ》.

استمرت الأوضاع على ما هي عليه لفترة طويلة وهم مصرين على عنادهم حتى مر عليهم سحاب كثيف لونه أسود فابتهجوا وظنوا أنه المطر وسيعود الخير أخيرا لكن ما حدث أن الله أرسل إليهم ريحا شديدة لمدة سبع ليال وثمانية أيام أهلكت قوم عاد تماما وجعلتهم كأعجاز النخل، وصف القرآن الكريم ما حدث في سورة فصلت

《فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ الله الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ {15} فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُم عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ{16}》.

هلاك قوم عاد في القرآن

عندما جاءت الرياح إلى مدينة إرم دمرت المدينة تماماً ولم ينج منها إلا سيدنا هود وعدد قليل ممن استجابوا له وآمنوا بدعوته، حيث اختبأ قوم عاد من الرياح في خيامهم لكن الرياح كانت قوية ومستمرة لدرجة أنها اقتلعت الخيام من الأرض والنخل من جذوره ودمرت معظم معالم مدينة إرم، ودفنت المدينة بأكملها تحت التراب، وقد وصفت الرياح في سورة الحاقة

《وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ》، وجاء أيضا في سورة القمر 《كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ * تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ》.