الشاعر الأندلسي ابن زيدون

29 يناير 2019
الشاعر الأندلسي ابن زيدون

الشعر الأندلسي واحد من أبرز عصور الشعر في تاريخ الأدب العربي، أفرز لنا العديد من الشعراء المتميزين والذين أبهروا الجميع بإنتاجهم الفني والأدبي والشعري الفريد على مر عصور الشعر العربي، ذلك الإنتاج الشعري العظيم الذي ما زلنا نفخر ونستشهد به إلى يومنا هذا. فقد كان للشعر الأندلسي أسلوب وطابع فريد بين كافة عصور الشعر العربي، وكان هذا الأسلوب الفريد متأثرًا كثيرًا بالطبيعة الخلابة والفريدة للأندلس آنذاك، ما ترك في نفس شعراء هذا العصر أثر عظيم أثرى مخيلتهم الشعرية بشكل كبير أنعكس بشكل مبهر على إنتاجهم الفني والأدبي، وكذلك قصائدهم الشعرية. ومن أبرز هؤلاء الشعراء الذين برزوا في العصر الأندلسي وتركوا خلفهم بصمة عظيمة في تراث شعر الأندلس بل وفي تراث الشعر العربي بأكمله، الشاعر الأندلسي ابن زيدون.

الشاعر الأندلسي ابن زيدون

الشاعر الأندلسي ابن زيدون ، هو أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أحمد بن غالب بن زيد المخزومي، والذي ينحدر من أسرة كبيرة وعريقة في التاريخ الإسلامي، فهو ينتمي إلى قبيلة بني مخزون التي استمتعت بمكانة عالية في الإسلام والتي اشتهرت كذلك بالفروسية والشجاعة والإقدام والفداء.

وُلد الشاعر الأندلسي ابن زيدون في مدينة قرطبة في العام 394 من الهجرة، من أب كان يُعد من أبرز وأشهر علماء ذلك العصر، وكان جده كذلك والذي تولى تربيته بعد وفاة والده، واحدًا من أبرز القوم في الأندلس آنذاك، حيث تولى عدد من المناصب الراقية والمهمة في الدولة وقتها، مثل توليه تولّى القضاء في مدينة سليم.

وقد عُرف عن جد الشاعر الأندلسي ابن زيدون اهتمامه الشديد بالعلوم والثقافة والفكر آنذاك، وهو ما كان له تأثير كبير على الشاعر الأندلسي، حيث تولى جده تربيته بعد أن توفى والده وهو في سن الحادية عشر من عمره، حيث دفعه والده إلى دراسة علوم النحو، واللغة، والشعر، والأدب، بالإضافة إلى معاونته على حفظ القرآن الكريم كذلك، وهو ما أثر كثيرًا في تنشأته تنشأة ثقافية وفكرية وأدبية وشعرية مميزة أثرت مخيلته الثقافية والفكرية والشعرية والأدبية كذلك.

موهبة ابن زيدون

تمتع الشاعر الأندلسي ابن زيدون بموهبة شعرية وأدبية مرموقة بين نظراء جيله من شعراء الأندلس في ذلك الوقت من تاريخ الأدب العربي، وذلك على رغم سنه الصغيرة وقت لمعان موهبته الشعرية بشكل لافت للنظر، فبالإضافة إلى ذلك فقد تمتع الشاعر الأندلسي ابن زيدون كذلك بوضع ومكانة مرموقة في الأندلس بسبب صداقاته الكثيرة والهامة مع كبار رجال الدولة آنذاك، وهو ما ساعده إلى جانب تميزه من تولي مناصب مرموقة في الدولة الأندلسية، حيث تولى منصب الوزارة، ومنصب القضاء.

ومن أشهر صداقات الشاعر الأندلسي ابن زيدون صداقته الشهيرة مع أبي بكر مسلم بن أحمد بن أفلح، أحد الرجال المرموقين في الدولة في ذلك الوقت، وكذلك صداقته مع أبي الوليد ابن جهور، والذي كان واحد من أهم وأبرز أولياء العهد في ذلك القت أيضًا، والذي كان له الدور الأكبر في اختيار الشاعر الأندلسي ابن زيدون ليشغل منصب الوزارة.

وقد أثبت الشاعر العربي الكبير ابن زيدون جدارته في تولي ذلك المنصب، حيث حقق شعبية كبيرة وصيت واسع بين الرعية خلال فترة توليه منصب الوزارة، وذلك بسبب اتسام حكمه بالعدل وإعلاء قيم الحق والمساواة بين الجميع. وجدير بالذكر أن موهبة ابن زيدون الشعرية لم تتأثر بـ مناصبه السياسية التي تولاها في الدولة، بل ألف العديد من القصائد الشعرية التي نُظمت حول كافة الأغراض الشعرية التي عرفها التراث الأدبي والشعري العربي، مثل الرثاء والغزل والهجاء والفخر والوصف وغيرها من الأغراض الشعرية المعروفة، ولعل من أبرز قصائده في الرثاء قصيدة رثاء مدينة الزهراء.

أبرز مواقفه السياسية

تحدثنا في السطور القليلة السابقة عن أن الشاعر الأندلسي ابن زيدون قد تمتع بمكانة سياسية مرموقة في الدولة الأندلسية، وذلك بسبب توليه العديد من المناصب السياسية المرموقة التي أثبت فيها جدارته، حيث تولى الشاعر الأندلسي ابن زيدون منصب الوزارة، والذي اكتسب منه شعبية كبيرة بين الرعية آنذاك، بسبب حكمه الرشيد القائم على العدل والحق والمساواة بين الجميع، وبسبب اقترابه من الرعية والدفاع عن قضاياهم الهامة والحيوية.

وقد كانت هناك عدد من المواقف السياسية التي اتخذها الشاعر الأندلسي ابن زيدون أثبتت على تمتعه بقيم وأخلاق عالية بجانب موهبته الشعرية والأدبية الفريدة من نوعها، ولعل من أبرز تلك المواقف السياسية هو دوره الكبير والواضح الذي لا ينكره له التاريخ في إنهاء الخلافة الأموية للدولة الإسلامية وإعلان الدولة الجهورية.

فقد وُجد الشاعر الأندلسي ابن زيدون في فترة زمنية عصيبة من التاريخ الإسلامي، فترة اشتهرت بالفتن والمعارك والحروب بين الطوائف والدول والقبائل، وفي ذلك الوقت لعب الشاعر الأندلسي ابن زيدون دور عظيم في تحريك الأحداث وإثارة الشعب من خلال شعره الحماسي وقصائده الشعرية المحرضة على الخلافة الأموية للدولة الإسلامية في ذلك الوقت، وهو ما لاقى تشجيع وترحيب من خلال ابن جهور، وهو ما كان سببًا في توطيد علاقتهما بشكل كبير وبارز، إلا أن تلك العلاقة لم تدم طويلًا؛ حيث استطاع الوشاة الوقيعة بينهما فانتهت تلك العالقة إلى الأبد.

وهو ما يدل على مدى تمكن الشاعر الأندلسي ابن زيدون من أدواته الشعرية التي تمكن بها تحريك شعب بأكمله نحو هدف معين وقضية محددة في ذلك الوقت وهي القضاء على الدولة الأموية.

فن النثر عند ابن زيدون

عُرف عن الشاعر الأندلسي ابن زيدون اشتهاره بكثرة استخدام الصور الفنية في قصائد الشعرية، بالإضافة إلى الاعتماد على الموسيقى الشعرية بشكل واضح ولافت للنظر والأذن، وهو مادفع ابن بسام إلى تلقيب رسائله وقصائده بأنها النظم الخطير أشبه منها للمنظور.

رسائل ابن زيدون

من أبرز ما اشتهر به الشاعر الأندلسي ابن زيدون إلى جانب موهبته الشعرية الفريدة من نوعها والمتميزة، هو حبه لكتابة الرسائل النثرية القيمة، ولعل من أبرز تلك الرسائل ما يلي:

الرسائل الهزلية

وهي عبارة عن رسائل هزليه تهكمية، ولعلّ أهمّ ما يُميّزها هو اعتمادها بشكلٍ كامل على الاستهزاء، و الأسلوب التهكمي المضحك.

الرسالة الجدية

وهي الرسالة التي كتبها في آخر فترات حياته، وقد استخدم فيها أسلوب الرحمة، كما تتميّز باحتوائها على الكثير من الاقتباسات والأحداث.

رسالة الاستعطاف

تعتبر من أكثر رسائل ابن خلدون قوّة وعاطفة، حيث استخدم فيها العديد من العبارات الفنية.